يمر جميع الأطفال بتغييرات فسيولوجية وجسمانية عديدة خلال فترة المراهقة. وتبدو هذه التغيرات واضحة لجميع الآباء، حيث تبدأ مرحلة المراهقة عند معظم الأطفال في الفترة ما بين 9 إلى 11 عام. لذا فقد تظهر سمات هذه المرحلة واضحة في هذه المرحلة العمرية. وهناك أيضا بعض التغيرات الحيوية التي تبدو أقل وضوحا من التغيرات السابقة. ولكنها لا تقل أهمية عنها حيث تحدث بعض التغيرات في نمو الدماغ لدي الطفل عند بدء مرحلة المراهقة. وتعد الدماغ هو العضو الذي يتحكم في جميع أنشطة الجسم. وسوف نستعرض من خلال هذا المقال نمو الدماغ لدى المراهقين والتغيرات الحيوية المصاحبة لها.
كيف يتعامل المراهقون مع الضغوط والتحديات المستقبلية؟
يواجه المراهقون كثير من الضغوط والتحديات والإغراءات تجعلهم يتسألون عن كيفية التعامل مع هذه الضغوط الحياتية. وبما أن عقولهم لم يكتمل نموها أو تتطور بشكل كامل، كما أن اعتقادهم للخبرة وحسن التصرف يزيد من حدة هذه الضغوط لدى المراهقين.
يمثل التعامل مع الضغوط والتوتر تحديا كبيرا الدماغ غير ناضجة بدرجة كافية. ناهيك عن أن الانتقال من مرحلة من مرحلة الطفولة إلى المراهقة أو البلوغ تبدأ فيها أيضا الانتقال من مرحلة التفكير الملموس إلى التفكير المجرد، وبالتالي يجب على الآباء الاهتمام جيدا بما يمرون به في هذه المرحلة.
نمو الدماغ لدى المراهقين
تنمو وتتطور أدمغة الدماغ بسرعات مختلفة مثل أجسامهم تماما، لذلك فإن دماغ المراهق لم تكتمل نموها بعد. في هذا السياق يقول الدكتور Andrew gharner عضو في لجنة طب الأطفال في الأكاديمية الأمريكية للجوانب النفسية والاجتماعية لصحة الطفل والأسرة: “أنه من خلال إجراء الفحوصات على أدمغة الأطفال وجد أن هناك أجزاء مختلفة من الدماغ تنضج بمعدلات مختلفة أي أن هناك أجزاء من الدماغ لا تنمو بنفس الشكل”.
كما تطرق هذا الدكتور إلى التفسير العلمي لذلك بالتفصيل، حيث أن هناك أجزاء خلفية من الدماغ (PFC) مثل قشرة الفص الجبهي للعينين لا تبدو ناضجة تماما حتى سن 24 عام. كما أن هناك أجزاء أخرى مختلفة من الدماغ موجودة في عمق الدماغ تنضج في سن مبكرة جدا وتعرف ب(AMG)، وتعتقد الكثير من علماء الأعصاب أن عدم التطابق في نضج الدماغ بالكامل في مختلف المراحل العمرية يفسر الكثير من سلوك المراهقين المضطرب.
وبالتالي فإن فهم هذه المسألة تسهل على الآباء والمربيين التعامل مع أبنائهم في سن المراهقة والتي تعد أحد التحديات التي تواجهم وهي المشاكل الناتجة من عدم تطابق نمو الدماغ بشكل كامل.
ما الآثار النفسية الناتجة عن عدم تطابق نمو دماغ المراهقين؟
يقول دكتور غارنر أن (PFC) تلعب دور حيوي وهام في تنظيم الحالة المزاجية للمراهق، والانتباه، والتحكم في الانفعالات، وأيضا القدرة على التفكير المجرد الذي يتمثل في القدرة على التخطيط المسبق والتنبؤ بعواقب تصرفاته وسلوكه.
كما تؤثر أيضا (AMG) على الجانب العاطفي لدى المراهقين حيث تتحكم في العاطفة والعدوانية والاستجابات الانعكاسية الغريزية.
ما وراء نمو الدماغ
سنتحدث في هذا الجزء عن أنواع السلوك والاستجابات العاطفية التي تشير إلى أن عدم التطابق يؤثر على طبيعة الطفل. ويشير دكتور غارنيير أنه لا يزال البحث مستمرا حول آثار حالات عدم تطابق نمو الدماغ بشكل كامل لدى المراهقين وذلك من خلال دور الآباء المميز في مراقبة تصرفات الآبناء لتشخيص المشكلات السلوكية ومعالجتها.
ويميل الأبناء المراهقين أن يكونوا أكثر تقلبا في المزاج والاندفاع أيضا في أغلب تصرفاتهم أو سلوكهم بوجه عام في هذه المرحلة العمرية. وبالتالي لا يجب على الآباء إلقاء اللوم على الأبناء في كل شيء ولكن يجب على الآباء التماس العذر في هذه الفترات التي يتطور فيها دماغ المراهق حتى تنمو بشكل كامل.
إدارة النهايات
من الواضح أن السلوك والانفعالات المتطرفة لدى المراهقين من الأمور التي تتطلب العناية الطبية والمهنية إلى جانب الاستشارة أيضا قبل أخذ رد الفعل المناسب تجاه سلوكايتهم ومشاعرهم المتقلبة، حيث يظهر بعض المراهقين نوبات غضب أو نوبات من سوء التقدير.
ما الذي يمكن أن يفعله المراهقون لمساعدة أدمغتهم على الانتقال إلى مرحلة البلوغ؟
هنا يقدم الدكتور غارنر عدد من النصائح بشأن المستقبل لمساعدة كلا من المراهقين وأولياء الأمور، وسوف نقوم بذكرها في النقاط القليلة التالية:
- وضع خطة مستقبلية لما بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية في المدرسة حيث تعد هذه المرحلة مؤشرا جيدا لبدء اكتمال نمو الدماغ والقدرة على التفكير المجرد كما ذكرنا من قبل.
- الانتباه للمشكلات العاطفية التي يمر بها المراهق وملاحظة آثارها على نفسيته وسلوكه بشكل عام.
- التركيز على الجانب الاجتماعي في حياة المراهقين وملاحظة مدى انخراطهم في المناسبات الاجتماعية.
- متابعة أيضا النمط الغذائي الذي يتبعه المراهق لأنه يؤثر بشكل مباشر على السلوك.
- النوم لعدد ساعات كافية كل يوم لأنه مفيد للصحة العامة للمراهق.
- وأخيرا متابعة درجات الطالب في الجامعة فإن كانت يبلي بلاء حسنا فإنه يسير على خطى ثابتة لتخطي مرحلة المراهقة بسلام.
وفي النهاية، يجب علينا جميعا كآباء ومربيين أن نتحلى بالصبر مع الأبناء أثناء التربية خاصة في مرحلة المراهقة التي تعد المرحلة الأصعب في جميع مراحل التربية. ولا تنسوا أن تقوموا بمتابعتنا عبر منصات التواصل الاجتماعي: