كل ما تريد معرفته عن اضطراب طيف التوحد (ASD)!

0

اضطراب طيف التوحد أو الطيف التوحدي وبالإنجليزية Autism Spectrum Disorder هو أحد أمراض الجهاز العصبي للإنسان. ومن خطورة اضطراب طيف التوحد أنه يتسبب في مشاكل عديدة في عملية التواصل الإجتماعي والإنساني للمصابين، كما يعرضهم لطبيعة سلوكيات تختلف عن المتعارف عنه والتي غالبًا ما تتصف بالنمطية والتكرار.

وفي الغالب تظهر أعراض ASD على الأطفال بدءً من سن العام أو العامين، وتختلف في حدتها من حالة إلى أخرى تؤثر على طبيعة الحياة الإنسانية وكذلك العلاقات الإجتماعية. وإلى الآن لا يوجد علاج لهذه الحالات المصابة بالطيف التوحدي، إلا أن المواظبة على خطط العلاج قد تؤدي إلى تحسن كبير وملحوظ في حياة العديد من الأطفال. وفي هذا المقال الهام سوف نتناول كل ما تريد معرفته عن اضطراب طيف التوحد أو Autism Spectrum Disorder.

ما هو اضطراب طيف التوحد؟

إن التوحد هو مصطلح واسع يستخدم لوصف مجموعة من حالات النمو العصبي. وتتميز هذه الظروف بالاختلافات في التواصل والتفاعل الاجتماعي. وغالبًا ما يُظهر الأشخاص المصابون بالتوحد اهتمامات أو أنماط سلوك محدودة ومتكررة.

وقد تم العثور على حالات التوحد في البشر من جميع أنحاء العالم بغض النظر عن العرق أو الثقافة أو الخلفية الاقتصادية. ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، يتم تشخيص اضطراب طيف التوحد في الأولاد أكثر من الفتيات. ووجدت دراسة أجريت على أطفال بعمر 8 سنوات في 11 موقعًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة أن نسبة الأولاد إلى البنات (4.3: 1) في عام 2016. حيث أن حوالي 1 من بين 54 من المشاركين في الدراسة مصاب باضطراب طيف التوحد.

ما هي أعراض اضطراب طيف التوحد؟

تظهر أعراض اضطراب طيف التوحد عادةً بوضوح خلال مرحلة الطفولة المبكرة، بين سن 12 و 24 شهرًا. ومع ذلك قد تظهر الأعراض أيضًا في وقت سابق أو لاحق لذلك. وقد تشمل الأعراض المبكرة تأخرًا ملحوظًا في اللغة أو التطور الاجتماعي. وتنقسم أعراض ASD إلى فئتين رئيسيتين هما:

  • مشاكل في التواصل والتفاعل الاجتماعي.
  • أنماط السلوك أو الأنشطة المتكررة والمحدودة للغاية.

ولتشخيص التوحد يجب أن يعاني الشخص من أعراض في كلتا الفئتين السابق الإشارة لهما. وسوف نتناول كلاهما بشيء من التفصيل.

مشاكل في التواصل والتفاعل الاجتماعي

يمكن أن ينطوي اضطراب طيف التوحد على مجموعة من المشكلات المتعلقة بالتواصل. حيث يظهر الكثير منها قبل سن الخامسة. وإليك مخطط زمني عام لما قد يبدو عليه هذا الاضطراب بالترتيب:

  • منذ الولادة: صعوبة الحفاظ على التواصل البصري.
  • ببلوغهم 9 أشهر: عدم الرد على أسمائهم.
  • في عمر 9 أشهر: عدم إظهار تعابير الوجه التي تعكس مشاعرهم (مثل المفاجأة أو الغضب).
  • وفي عمر 12 شهرًا: عدم المشاركة في الألعاب التفاعلية الأساسية مثل الغميضة. وعدم استخدام (أو استخدام القليل فقط) من إيماءات اليد مثل التلويح باليد.
  • بحلول 15 شهرًا: عدم مشاركة اهتماماتهم مع الآخرين (من خلال إظهار لعبة مفضلة لشخص ما).
  • ببلوغ 18 شهرًا: عدم الإشارة أو البحث عن مكان يشير إليه الآخرون.
  • في عمر 24 شهرًا: عدم ملاحظة متى يظهر الآخرون الحزن.
  • بحلول 30 شهرًا: عدم الانخراط في الألعاب مثل رعاية دمية طفل أو اللعب بالتماثيل أو أي لعب اجتماعية.
  • في عمر 60 شهرًا: عدم ممارسة ألعاب تبادل الأدوار أو التمثيل.
  • بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في التعبير عن مشاعرهم أو فهم مشاعر الآخرين بدءًا من 36 شهرًا.

مشكلة التحدث والقراءة لمصابي اضطراب طيف التوحد

مع التقدم في السن، قد يواجه الأطفال المصابة بالتوحد صعوبة في التحدث أو مهارات تحدث محدودة للغاية. وقد يطور الأطفال المصابون بالتوحد مهارات لغوية بوتيرة غير متساوية وغير ثابتة. فإذا كان هناك موضوع معين مثير جدًا للاهتمام بالنسبة لهم، على سبيل المثال، فقد يطورون مفردات قوية جدًا للحديث عن هذا الموضوع بعينه. لكنهم قد يجدون صعوبة في التواصل بشأن أشياء أخرى.

عندما يبدأ الأطفال المصابون بالتوحد في التحدث، قد يتحدثون أيضًا بنبرة غير عادية يمكن أن تتراوح من النبرة العالية و “الغناء” إلى الروبوتية. وقد تظهر عليهم أيضًا علامات فرط القراءة Hyperlexia، والتي تتضمن القراءة بما يتجاوز ما هو متوقع من أعمارهم. قد يتعلم الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد القراءة في وقت مبكر عن أقرانهم الذين يعانون من النمط العصبي، وأحيانًا في سن الثانية. لكنهم يميلون إلى عدم فهم ما يقرؤونه.

بينما لا يصاحب فرط القراءة دائمًا التوحد، حيث تشير الأبحاث إلى أن ما يقرب من 84% من الأطفال المصابين فرط القراءة Hyperlexia يعانون من طيف التوحد. وأثناء تفاعلهم مع الآخرين، قد يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في مشاركة عواطفهم واهتماماتهم مع الآخرين أو يجدون صعوبة في الحفاظ على محادثة ما. وقد يظل التواصل غير اللفظي (مثل الحفاظ على التواصل البصري أو لغة الجسد) صعبًا أيضًا. ويمكن أن تستمر هذه التحديات في التواصل طوال فترة البلوغ.

أنماط السلوك أو الأنشطة المتكررة والمحدودة

بالإضافة إلى مشاكل التواصل والقضايا الاجتماعية المذكورة سابقًا، يشمل التوحد أيضًا الأعراض المتعلقة بحركات الجسم وسلوكياته. ويمكن أن تشتمل على:

  • حركات متكررة مثل التأرجح أو رفرفة الذراعين أو الدوران أو الجري ذهابًا وإيابًا.
  • ترتيب الأشياء مثل الألعاب بترتيب صارم والإنزعاج عند الإخلال بهذا النظام.
  • التعلق بالروتين الصارم، مثل تلك المتعلقة بوقت النوم أو الذهاب إلى المدرسة.
  • يكررون الكلمات أو العبارات التي يسمعونها فيكرروها مرارًا وتكرارًا.
  • الإنزعاج من التغييرات الطفيفة.
  • التركيز باهتمام على أجزاء الأشياء، مثل عجلة سيارة لعبة أو شعر دمية.
  • ردود فعل غير معتادة على المدخلات الحسية، مثل الأصوات والروائح والأذواق.
  • اهتمامات مهووسة ببعض الأشياء التي قد تبدو عادية.
  • قدرات استثنائية، مثل الموهبة الموسيقية أو قدرات الذاكرة الخارقة للعادة.

خصائص أخرى قد يعاني منها المصابين بالطيف التوحدي ASD

قد يعاني بعض المصابين بالتوحد من أعراض إضافية، بما في ذلك:

  • تأخر الحركة أو اللغة أو المهارات المعرفية.
  • النوبات.
  • أعراض الجهاز الهضمي، مثل الإمساك أو الإسهال.
  • القلق المفرط أو التوتر.
  • مستويات غير عادية من الخوف (إما أعلى أو أقل من المتوقع).
  • السلوكيات المفرطة النشاط أو الغفلة أو الاندفاع.
  • ردود فعل عاطفية غير متوقعة.
  • عادات أو تفضيلات غير عادية في تناول الطعام.
  • أنماط نوم غير عادية.

السلوك التكراري Stimming

هو مصطلح يستخدم لوصف سلوكيات التحفيز الذاتي، والتي غالبًا ما تتضمن حركات متكررة أو كلام مكرر. على سبيل المثال، قد يصفق شخص ما يديه أو يفرك شيئًا ما أو يكرر عبارة.

وعادة ما يكون مرتبطًا بالمصابين بالتوحد، ولكن كل شخص تقريبًا يمارس نوعًا من التكرار العصبي سواء كان ذلك بفرك أيديهم معًا أو قضم أظافرهم.

بالنسبة للمصابين بالتوحد، يمكن أن يعيق ذلك الحياة اليومية أو يسبب ضررًا جسديًا. ولكن يمكن أيضًا أن يكون بمثابة آلية مساعدة مفيدة للتعامل مع الحمل الحسي الزائد أو التنقل في المواقف غير المريحة.

أنواع التوحد

تم نشر الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الإصدار الخامس من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA). حيث يستخدمه الأطباء لتشخيص مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية. وهناك خمسة أنواع فرعية أو محددات ASD مختلفة هم:

  1. مع أو بدون الإعاقة الذهنية المصاحبة.
  2. ومع أو بدون ضعف اللغة المصاحب.
  3. مرتبطة بحالة طبية أو وراثية أو عامل بيئي معروف.
  4. يرتبط باضطراب عصبي أو عقلي أو سلوكي آخر.
  5. مصاحب ل “كاتاتونيا” catatonia.

ومن الجدير بالذكر أنه يمكن لأي شخص مصاب أن يتلقى تشخيصًا لواحد أو أكثر من المحددات السابقة.

مسببات التوحد Autism

إن السبب الدقيق لاضطراب طيف التوحد غير معروف إلى الآن. وتوضح أحدث الأبحاث أنه لا يوجد سبب واحد معروف له. ولكن تتضمن بعض عوامل الخطر المشتبه بها للإصابة باضطراب طيف التوحد ما يلي:

  • وجود فرد مباشر من العائلة مصاب بالتوحد.
  • بعض الطفرات الجينية.
  • fragile X syndrome والاضطرابات الوراثية الأخرى.
  • الآباء الكبار في السن.
  • انخفاض الوزن عند الولادة.
  • الاختلالات الأيضية.
  • التعرض للمعادن الثقيلة والسموم البيئية.
  • تاريخ الأم من الالتهابات الفيروسية.
  • تعرض الجنين لأدوية حمض الفالبرويك أو الثاليدومايد (ثالوميد).

ووفقًا للمصدر الموثوق به للمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية (NINDS) قد تحدد كل من الوراثة والبيئة ما إذا كان الشخص مصابًا باضطراب طيف التوحد. ولكن أثبتت الدراسات القديمة والحديثة أن اللقاحات لا تسبب اضطراب طيف التوحد.

تشخيص التوحد

لتشخيص اضطراب طيف التوحد يجب عمل:

  • أشعات وفحوصات عديدة.
  • اجراء الاختبارات الجينية.
  • التقييمات النهائية من قبل الأطباء والمتخصصون.

دعم مصابي اضطراب طيف التوحد

لا توجد “علاجات” لاضطراب طيف التوحد كما ذكرنا سابقًا. ولكن بالنسبة لبعض المصابين بالتوحد يمكن أن تساعدهم العلاجات الداعمة على الشعور بالتحسن أو تخفيف أعراض معينة. ومن الأساليب العلاجية التي قد تدعم مصابي التوحد:

  • العلاج السلوكي.
  • والعلاج باللعب.
  • العلاج بالممارسة.
  • والعلاج البدني.
  • العلاج بالنطق.

وهناك بعض العلاجات البديلة مثل:

  • جرعة عالية من الفيتامينات.
  • العلاج بالاستخلاب، والذي يتضمن طرد المعادن من الجسم.
  • والعلاج بالأكسجين عالي الضغط.
  • الميلاتونين لمعالجة مشاكل النوم.

وقد يساعد التدليك وارتداء الملابس والبطانيات الثقيلة واستخدام أساليب التأمل أيضًا بعض المصابين بالتوحد في الإدارة والسيطرة على الأعراض. ومع ذلك، ستختلف النتائج. فقد يستجيب بعض الأشخاص جيدًا لبعض الأساليب، بينما قد لا يستجيب الآخرون.

النظام الغذائي (Diet) لمرضى التوحد

لا يوجد نظام غذائي محدد للأشخاص المصابين بالتوحد. ومع ذلك، فإن بعض المتخصصين يستكشفون أثر التغييرات الغذائية كطريقة للمساعدة في تقليل المشكلات السلوكية وزيادة جودة الحياة بشكل عام. ويقوم أساس الحمية الخاصة بمصابي التوحد على تجنب الإضافات الصناعية ومنها:

  • المواد الحافظة.
  • الألوان الصناعية.
  • المحليات.

بينما يركز النظام الغذائي لمرضى التوحد على الأغذية الصحية ومنها:

  • الفواكه والخضروات الطازجة.
  • الدواجن واللحوم الخالية من الدهون.
  • السمك.
  • الدهون غير المشبعة.
  • الكثير من الماء.

كما يوصي المتخصصون على ضرورة الإبتعاد عن الدقيق الأبيض واستبداله بالحبوب الكاملة مثل:

  • القمح.
  • الشعير.

وقد أوصت بعض الدراسات والأدلة القصصية أن النظام الغذائي يمكن أن يساعد في تحسين أعراض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، وهي حالة قد تكون مشابهة لمرض التوحد.

كيف يؤثر الأوتيزم على الأطفال؟

قد لا يصل الأطفال المصابون بالتوحد إلى نفس المعالم التنموية مثل أقرانهم الأصحاء، أو قد يظهرون فقدان المهارات الاجتماعية أو اللغوية التي تم تطويرها مسبقًا.

على سبيل المثال، قد يُظهر طفل يبلغ من العمر عامين غير مصاب بالتوحد اهتمامًا بألعاب التخيل البسيطة. وقد يستمتع الطفل البالغ من العمر 4 سنوات غير المصاب بالتوحد بالمشاركة في الأنشطة مع الأطفال الآخرين. كما قد يواجه الطفل المصاب بالتوحد صعوبة في التفاعل مع الآخرين أو يكره ذلك تمامًا.

وينخرط الأطفال المصابون بالتوحد أيضًا في سلوكيات متكررة، أو يجدون صعوبة في النوم، أو يأكلون بشكل قهري عناصر غير غذائية. وغالبًا ما يجدون صعوبة في الازدهار بدون بيئة منظمة أو روتين ثابت.

إذا كان طفلك مصابًا بالتوحد، فقد تضطر إلى العمل عن كثب مع معلميه لضمان نجاحه في الفصل الدراسي. وتتوفر الآن العديد من الموارد لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد وكذلك أحبائهم. ويمكن العثور على مجموعات الدعم المحلية من خلال جمعية التوحد الأمريكية غير الربحية Autism Society of America.

التوعية باضطراب طيف التوحد ASD

  • يعد يوم 2 أبريل من كل عام هو اليوم العالمي للتوعية بالتوحد World Autism Awareness Day. حيث أصبح شهر أبريل معروفًا أيضًا باسم شهر التوعية بالتوحد في الولايات المتحدة. ومع ذلك، دعا العديد من دعاة المجتمع إلى الحاجة إلى زيادة الوعي حول ASD على مدار العام، وليس فقط خلال 30 يومًا محددًا.
  • كما يتطلب قبول التوحد التعاطف وفهم اضطراب طيف التوحد والذي قد يختلف من شخص لآخر.
  • التأكيد على أنه من الممكن أن تنجح بعض أساليب العلاجات مع شخص دون الآخر.
  • يجب أن يتم توعية الآباء بأفضل طرق الدفاع عن الطفل المصاب بالتوحد وتوفير الدعم الذي يحتاجه.

وفي النهاية أحب أن أؤكد أن اضطراب الطيف التوحدي معقد، كما يستغرق الشخص المصاب بالتوحد وقتًا وجهدًا كبيرًا للحصول على برنامج الدعم والعلاج المناسب له. لذلك فأنا أشدد على ضرورة طلب المساعدة الطبية المتخصصة سريعًا لتحقيق أقصى استفادة وتجنب أكبر ضرر من الممكن حدوثه. ولا تنسى عزيزي القاريء أن تقوم بمتابعتنا أيضًا عبر منصات التواصل الاجتماعي:

بواسطة رابط المصدر
أترك رد

بريدك الإلكتروني أو أي معلومات سرية أخرى لن يتم نشرها.