يعاني بعض الأفراد من اضطراب الوسواس القهري (OCD)، وهو من أكثر الاضطرابات النفسية والسيكولوجية المزعجة التي يمكن أن تصيب الفرد وتجعله غير قادر على ممارسة الحياة بشكل طبيعي. وتتفاوت حدة الإصابة بهذا الاضطراب العقلي والنفسية فهو بالطبع كأي اضطراب أخر له درجات متفاوتة تختلف من شخص لأخر فمنهم ما يستطيع أن يتجاوز هذه الأزمة بمفرده ومنهم ما يحتاج استشارة الطبيب والخضوع لفترة علاج حتى يتعافى منه تماما ويعود لممارسة الحياة بشكل طبيعي. وسوف نستعرض في هذا المقال كل ما يتعلق باضطراب الوسواس القهري من حيث التعرف علي مفهومه، وأسبابه، وكيفية التعامل مع الأشخاص المصابين به وطرق العلاج الفعالة للتخلص منه.
ما هو الوسواس القهري؟
الوسواس القهري هو حالة صحية عقلية. تسبب أفكارا تسمى هواجس تجعل الشخص يدخل في دائرة مغلقة ومغلقة من القلق الناتج عن هذه الأفكار والأفعال.
وقد يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص المصابين باضطراب OCD على تجاوز هذا الاضطراب والتعامل معه عن طريق التقليل من حدة الأفكار المزعجة لتهدئة القلق. ومواجهة المخاوف المسيطرة عليه طوال الوقت، في حين يضطر بعض الأشخاص إلى أخذ دواء لعلاجه.
لذلك ينصح بالتوجه إلى الطبيب المختص إذا ظهرت عليك الأعراض التالية. حيث سيساعدك ذلك على مقامة OCD من خلال بعض الممارسات التي ثبت فعاليتها في علاج الوسواس القهري.
ما هي الهواجس؟
تعرف الهواجس على أنها الأفكار التي تبنع من داخل الشخص وتسبب له القلق. وعادة ما تكون هذه الأفكار بشأن المخاوف من حدوث بعض الأفعال السيئة له، أو قد تكون أفكار نابعة من داخل الشخص تجعله يشعر دائما بشكوك ما يحدث حوله.
ويسبب الوسواس القهري مروادة هذه الأفكار المجهدة لذهن الشخص مرارا وتكرارا، وقد تتعلق هذه الأفكار بأي شيء ولكن بصفة عامة فإن الأشخاص المصابين بالوسواس القهري يفكرون فيما يلي:
- الخوف من الإصابة بالأمراض لذا فهم دائما يشعرون بالقلق حيال الجراثيم ولديهم شكوك حول عدم النظافة.
- الأشياء التي تبدو سيئة أو خاطئة.
- وضع الأشياء في أماكنها الصحيحة والإنزعاج من عدم كونها موضوعة كما ينبغي.
- الألوان والأرقام التي يظنون أن لها سئية الحظ لأو تجلب لهم المشاكل.
- الخوف الدائم من حدوث شئ سئ لهم في المستقبل.
ما هي القهرات؟
القهرات أو الدوافع هي سلوكيات يقوم بها الأشخاص المصابون بالوسواس القهري برغبة في القيام بها محاولة منهم في إيقاف ودفع تلك الأفكار السلبية للشعور بالأمان والتأكد من عدم حدوث الأشياء. وتسمى أيضا بالطقوس.
وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه الطقوس التي يقوم بها الشخص المصاب بالوسواس القهري للتهدئة منه:
- غسل اليدين والحرص على نظافتهما بشكل دائم.
- تكرار الكلمات والعبارات والأسئلة.
- التحقق إذا ما كانت الأبواب والنوافذ مغلقة والمكان نظيفا مرتبا ومرتبا أكثر من مرة.
- وضع الأشياء بالترتيب الصحيح.
- تجنب الأشياء مثل: الأرقام، الألوان التي تبدو غير ملحوظة.
كيف تبدو الأشياء بالنسبة لمصابي الوسواس القهري؟
عادة ما تبدو الأشياء الطبيعية مثيرة للشكوك بالنسبة لمرضى الوسواس القهري. حيث يقودهم الوسواس القهري إلى الشعور بعدم اليقين الأمر الذي يدفعهم إلى ممارسة الطقوس الخاصة بهم ظنا منهم أنهم إن لم يفعلوا ذلك سوف يحدث شئ سيء. وقد تجلب ممارسة هذه الطقوس بعض الراحة في البداية للتخلص من الأفكار والمشاعر السلبية.
ولكن مع مرور الوقت تصبح الطقوس عادة بالنسبة لهم وتصبح المواظبة على فعلها أمر دائم الحدوث. كما تأخذ منهم مزيد من الوقت والطاقة وإذا يقوموا بممارستها تعود الأفكار المرهقة مرة أخرى. وهنا يدخل مريص اضطراب OCD في دائرة مرهقة وبدلا من أن تقلل الطقوس من حدة سيطرة الأفكار المزعجة فإنها تجعله أكثر حدة واستمرارا إذا لم يقوموا بممارسة طقوسهم اليومية.
ومن الجدير بالذكر أن اضطراب الوسواس القهري يجعل الشخص غير قادر على التحكم في أفكاره ومعتقداته الخاطئة. فهو لا يريد التفكير بهذه الطريقة ويحاول تجاهل وطرد هذه الأفكار. وأحيانا لا يريد أيضا بأداء الطقوس السابق ذكرها ولكن الوسواس القهري يجعله يشعر بأنه مضطرد للقيام بها.
كما أن الشخص المصاب باضطراب OCD لا يعرف لماذا يفكر ويشعر بهذه الأشياء، فهو تفكير لا إرادي يسيطر على الشخص تجعله غير قادر على التحكم في تصرفاته وانفعالاته. فقد يحاول طوال الوقت إخفاء مخاوفه وطقوسه التي تثير قلق المحيطين به تجاهه حيث يعتقد البعض أن مصاب اضطراب الوسواس القهري مجنون ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق.
لماذا يصاب بعض الناس باضطراب الوسواس القهري بينما لا يصاب آخرون؟
تؤثر العوامل الوراثية والجينات بدرجة كبيرة على الإصابة باضطراب OCD كغيره من أنواع الإضطرابات النفسية المحتلفة. وبالتالي إذا كان هناك شخصا مصابا به في أحد العائلات فهناك احتمالية اننشاره هذا الاضطراب بين أفراد العائلة. حيث تؤثر هذه الجينات على الكيمياؤ والبنية والنشاط في أجزاء مختلفة من الدماغ.
ولكن الوسواس القهري يستمر بسبب الطقوس، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يمارسون الطقوس زادت قوة الوسواس القهري. ويحدث ذلك بسبب أن أدمغتنا تتعلم أن تفعل ما نمارسه بشكل يومي وتربط الأفعال التي تجلب لها الراحة بالأشياء المزعجة بالنسبة لها. وتعمل هذه الطقوس على الشعور بالراحة المؤقتة.
ما هو علاج الوسواس القهري؟
يتمثل العلاج الأمثل لاضطراب OCD في العلاج السلوكي المعرفي. الذي بقتضاه يتم التحدث مع الطبيب المعالج في جلسة علاجية تجمع بين مصابي اضطراب الوسواس القهري ويتم خلالها التعلم والاستماع إلى التجارب وممارسة المهارات. جنبا إلى جنب مع العلاج حيث يحتاج بعض الأشخاص إلى تناول أودية للعلاج.
ولعل أهم ما يتم التركيز عليه في جلسات العلاج من اضطراب OCD هو:
- كيف تؤثر الأفكار والمشاعر والسلوكيات على بعضها البعض؟
- كيف يبدو الوسواس القهري خدعة تسيطر على الدماغ وتدفع الشخص إلى ممارسة الطقوس اللازمة. وإن لم يفعل ذلك فسوف يحدث أمرا سيئا.
- إن أداء الطقوس اليومية قد يزيد من حدة الوسواس القهري لدى الشخص.
- عدم القيام بالطقوس يضعف الوسواس القهري.
ومع ذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب OCD لن يستطيعوا بسهولة التوقف عن ممارسة الطقوس. وهنا يأتي دور العلاج في تعلم واكتساب المهارات الآتية:
- مهارات التأقلم والتهدئة للقلق.
- كيفية التعامل مع الأفكار التي تثير قلقه.
- وكيفية مواجهة الخوف بأمان.
- كيفية مقاومة أداء الطقوس.
وقد يتعب بعض الأشخاص في ممارسة المهارات السابقة وخاصة مقاومة الطقوس. ولكن مع الوقت يصبح الأمر أكثر سهولة. وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يقاومون الطقوس لمقاومة الوسواس القهري كلما أدت الممارسات السابقة إلى تلاشي أفكار القلق. حيث تؤدي إلى تغيير نشاط الدماغ للأفضل.
ما هو المدة الكافية لتلقي علاج OCD والتعافي منه؟
تختلف مدة العلاج اللازمة من شخص لأخر. فهي تتوقف على درجة الأضطراب الذي يعانيه بالإضافة درجة مقاومته له. وفي المجمل تستغرق مدة العلاج من أسابيع إلى عدة أشهر أو أكثر من ذلك في بعض الأحيان.
كما أنه يجب دائما تقديم الدعم والتشجيع الدائم لمصابي اضطراب الوسواس القهري سواء من قبل الطبيب المعالج أو أسرة الشخص المصاب.
ماذا يجب أن أفعل إذا اعتقدت أني مصاب بالوسواس القهري؟
إذا كنت تعتقد أنك مصاب بالوسواس القهري فيجب عليك إخبار والديك بما تشعر به حيث يمكنهم اصطحابك إلى الطبيب المختص للتأكد ما إذا كنت تعاني من OCD أم لا.
إذا اكتشفت أنك مصاب بالوسواس القهري فيجب عليك إتباع ما يلي:
- ضرورة تلقي العلاج اللازم.
- ممارسة المهارات التي يتم تعلمها في العلاج.
- الحصول على الدعم من الأشخاص المحيطين بك.
- كن صبورا مع نفسك في رحلة العلاج فالتعامل مع الوسواس يعد أمرا شاقا ومجهدا ويحتاج لوقت طويل للتخلص منه.
- خصص وقتك للأشياء الجيدة مثل: الاسترخاء والقيام ببعض الأشياء التي تستمتع بها.
وفي النهاية، يجب أن ننوه أن اضطراب OCD مثل أي مرض عضوي يمكن أن يصيب الشخص ويجب التعامل معه ومع الأشخاص المصابين به دون قلق أو خوف حتى نسهل عليهم الخروج من دائرة القلق التي يسببها اضطراب الوسواس القهري. ولا تنسوا أن تقوموا بمتابعتنا أيضا عبر منصات التواصل الاجتماعي: