“أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ”، فنحن سنتحدث اليوم عن قصة داود عليه السلام.
هذا ما كان من بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام إذ دعوا الله بأن يبعث فيهم ملكا يقاتلون معه في سبيل الله وقد أخرجهم الأعداء من ديارهم وقتلوا وأسروا أبنائهم فقال الله تعالى لهم: “هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا” فما كان ردهم إلا أن قالوا: ” وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا” فقال لهم نبيهم: ” إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا” فكان ردهم كعادة بني إسرائيل الجدال في أمر الله فقالوا: ” أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ” وكان سبب اعتراضهم على طالوت أنه فقير لا يملك المال، فكيف يكون ملكا عليهم؟ فقال لهم نبيهم: ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” صدق الله العلي العظيم.
وكان داود في جيش طالوت ولما التقى الجيشان أي جيش طالوت وجيش جالوت “قَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ” فهزم بنو إسرائيل جيش جالوت بإذن الله وأحب بنو إسرائيل داود وولوه أمرهم فجمع بين الملك والحكمة والنبوة وهذا من فضل الله على نبيه داود عليه السلام.
“وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ” أي علمه وألهمه الله صنع الدروع من الحديد لحماية المقاتلين من الأعداء في الحروب فقد ألان الله له الحديد فكان يشكله بيده لا يحتاج إلى النار لإذابته أو الطرق عليه لتشكيله. وكان داود كلما سبّح لله تعالى تسبح معه الجبال والطير والدواب قال تعالى: “إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ” وكان هذا لعذوبة صوته وحُسنه.
داود وصاحب النعجة
قال تعالى: ” وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ، إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ، قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ”.
ما حدث هو أن داود عليه السلام حينما كان يتعبد في المحراب فزع من وجود شخصين فجأة فقالوا له: لا تخف إنما نحن خصمان قد لجأنا إليك فاحكم بالعدل، وقال أحدهما هذا أخي له تسعة وتسعون نعجة -وهي أنثى الخروف- ولي نعجة واحدة فقال لي: أعطها لي أضمها إلى نعاجي، فكان حكم نبي الله بأن أخوه قد ظلمه لأن أغلب الشركاء يظلم بعضهم البعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات واعتقد داود بإن الله قد اختبره وفتنه فقد أصدر داود حكمه دون الاستماع إلى حجة الأخ الآخر فلربما كان يريد أن ينمي مال أخيه وحينها استغفر داود ربه وخر راكعا وأناب إلى الله.
وفي النهاية، لا تنسى أن تقوم بمتابعتنا أيضا على منصات التواصل، وهي: