يؤمن الكثير من الناس بأسطورة “الوالدين المثاليين”. والتي تدور حول مفهوم The Perfect Parent اللذان يربيان أطفالًا سعداء ومتكيفين وخاليين من المشاكل والعيوب. ولكن في الحقيقة، لا يوجد شخص على وجه الأرض يمكن أن نطلق عليه الوالد المثالي، أو الطفل المثالي. فالمثالية غير واقعية وفي الأغلب أن السَّعي للمثالية هو ضياع للوقت وإهدار للجهد. ولهذا فمن الأفضل هو تقبل العيوب والإختلاف. وفي هذا المقال سوف نتحدث عن كل ما تريد معرفته عن أسطورة الوالدين المثاليين. وسوف نثبت أن هذه الأسطورة كاذبة وبعيدة تمامًا عن الواقع.
هل يوجد ما يسمى بالوالدين المثاليين؟
إن “مشكلة السلوك” أو كما تعرف بالإنجليزية Problem Behavior، هي مشكلة شائعة جدًا بين الأطفال في سن المدرسة وتستغرق جزءًا كبيرًا من وقت الوالدين الفعلي والمجهود الذهني والنفسي. حيث يمتلك الأطفال في هذا السن حوالي خمس أو ست سمات أو سلوكيات يجدها آباؤهم صعبة وتجعل معظم ردود الأفعال بعيدة كل البعد عن الأبوة المثالية أو الوالدين المثاليين. ومن هذه السلوكيات:
- عدم الامتثال للطلبات البسيطة.
- تجنب الأعمال المنزلية.
- قضاء الكثير من الوقت في مشاهدة التلفزيون أو تشغيل مقاطع الفيديو على الانترنت.
- الانخراط في التنافس بين الأشقاء.
- صعوبة في إكمال الواجبات المنزلية مغلفة بعدم الرغبة في آدائها.
مما يخلق جوًا من التوتر بين الوالدين والطفل. وكذلك أيضًا هناك بعض الطباع الصعبة في بعض الأطفال مثل:
- الطفل صعب المزاج.
- طفل يريد الكثير من الاستقلالية أو لم يحقق استقلالية كافية.
- وهناك الطفل العنيد دائم التمرد.
كل هذه السلوكيات والطباع تضع الأبوين تحت الضغط مما يجعل ردود أفعالهم بعيدة عن ما يطلق عليه أسطورة الوالدين المثاليين.
لا بأس في الأخطاء “لا للمثالية”
بصفتك أحد الوالدين، عليك أن تدرك أنه من الطبيعي أن تشعر بالقلق والارتباك والغضب والذنب وعدم مثالية سلوك طفلك. فهذا جزء من كونك أبًا، ويجب أن تتأكد إن محاولة أن تكون مثاليًا أو أن تنشيء أطفالًا مثاليين أمر عقيم ومعادلة خاسرة في جميع الأحوال.
كيف كنت تتصرف وأنت طفلًا صغير؟
فكر في كيفية تصرفك أو سوء تصرفك كطفل، وكيف تعامل والداك مع سلوكك؟ وكيف شعرت حيال أساليبهم التأديبية؟ إنهم لم يكونوا مثاليين، وكذلك لم يكن أي أب آخر. فلا تحاول التعويض عن عيوبهم من خلال محاولة أن تكون مثالياً، ومن خلال الوقوع في عبارات مثل “لن أرتكب نفس الأخطاء التي ارتكبها والداي”.
أسطورة الوالدين المثاليين
يخطئ الآباء والأطفال في محاولاتهم للتواصل والتعامل مع بعضهم البعض ومحاولة حل المشكلات. حيث يحتاج الآباء إلى الثقة بأنفسهم وبغرائزهم.
كما يميل الآباء والأمهات إلى امتلاك حدس ومعرفة جيدة بأطفالهم. وغالبًا ما يعرفون أكثر مما يعتقدون، ويجب ألا يخافوا من ارتكاب الأخطاء. إن الأطفال مرنون ومتسامحون وعادة ما يتعلمون وينمون من خلال أخطائهم. ويميل الآباء إلى أن يكونوا على نفس القدر من المرونة والتسامح.
الأبوة والأمومة المرنة ضد أسطورة الوالدين المثاليين
- إن الآباء الذين “يعيشون من أجل أطفالهم” يضعون أنفسهم في موقف ضعيف للغاية، ويعرضون أنفسهم لاحتمال خيبة الأمل والإحباط والاستياء بشكل كبير. فيجب ألا يتوقع الآباء الحصول على كل إشباعهم الشخصي والنفسي من أطفالهم أو من دور الأبوة.
- لذلك يحتاج الآباء إلى أنشطة أخرى لتحقيق صورهم الذاتية، وغيرها من مصادر الحب والرعاية. ويحتاجون إلى وقت ليكونوا بالغين “وقتًا لأنفسهم”، واستراحة من الأطفال ومسؤوليات الأبوة والأمومة.
- وبصفتك أحد الوالدين، فأنت تحتاج إلى تطوير فلسفتك الخاصة (تلك التي تشعر بالراحة معها) ضمن إطار عمل مرن وقابل للتكيف. وضع في اعتبارك توقعاتك الخاصة، وأسلوب التربية المناسب لك، ومراعاة مزاجك الخاص، وكيف تتناسب مع كل من أطفالك وشريك حياتك، وتفضيلاتهم ومزاجهم الفريد.
- تذكر دائمًا أن المساعدة المهنية متاحة إذا أصبحت المشاكل شديدة للغاية، أو تجاوزت قدراتك الخاصة على التأقلم، أو تسببت في صعوبات ثانوية مثل انخفاض الأداء المدرسي لطفلك، أو زيادة الضغط الأسري أو المشكلات العاطفية الخطيرة التي تؤثر على استقرار أسرتك.
- يجب أن تشعر بالراحة في حقيقة أنه في الغالبية العظمى من الحالات، يكون أداء الأطفال جيدًا. وحاول دائمًا الحفاظ على روح الدعابة لديك، وثق في غرائزك واطلب المساعدة والمشورة مبكرًا وليس متأخرًا. ففي حين أن الأبوة والأمومة تمثل تحديًا كبيرًا، إلا أنها يمكن أن تكون أيضًا واحدة من أكثر التجارب إمتاعًا في حياتك.
تذكر….
هناك بعض النقاط التي يجب وضعها في الاعتبار، مثل:
- الأطفال مختلفين، فهناك مجموعة من الأشياء الطبيعية المختلفة في طريقة تطورهم اجتماعياً وعاطفياً وفكرياً وجسدياً.
- قد يختلف مستوى نضج الطفل باختلاف الصفات التي يطورها، بما في ذلك المهارات الاجتماعية والقدرات الرياضية وقدرات التعلم.
- وقد يكون الطفل قويًا في الرياضيات ولكنه ضعيف في الكتابة (أو العكس)، أو جيدًا في كرة السلة ولكن ليس في كرة القدم وهكذا.
- فالأطفال بعيدون كل البعد عن المثالية فالاختلافات قد تشكل ملفًا شخصيًا فريدًا للطفل، أو يمكن أن تتطور وتتغيير. كما يمكن أن تؤثر الطريقة التي يتطور بها الطفل على سلوكه، والعكس صحيح. كما سيؤثر أسلوب الأبوة الخاص بالأم والأب، وبيئة الطفل، على سلوكه ونموه.
وفي النهاية أتمنى أن يحوز هذا المقال عن أسطورة الوالدين المثاليين على اعجابكم، ولا تنسى عزيزي القاريء أن تقوم بمتابعتنا أيضًا على منصات التواصل الإجتماعي: